وجود الأب في حياة الأبناء أحد ركائز الأساسية لتربية سليمة، لكن مع ازدياد معدلات الطلاق وانفصال الأزواج، بدأ دوره ينعدم كمربي لأبنائه، واقتصر على توفير الأموال فقط، وقد يحدث ذلك حتى دون أن ينفصل عن زوجته، خاصة مع تزايد الأعباء الاقتصادية وغلو المعيشة، فيُضطر لقضاء أغلب وقته في العمل كي يأتي برزق أطفاله، لكن ما لا تُدرك هنا عزيزي الأب أن أبنائك بحاجة لوجودك في حياتهم لا بحاجة أموالك، في هذا المقال سنتناول بعض نتائج الدراسات التي أجريت حديثاً على الأبناء الذين يعيشون حياتهم بصورة سوية مقارنة بمن ينعدم دور الأب في حياتهم، علك تُدرك أهمية دورك!
أغلب الأطفال دون أب يعانون من الفقر
آخر الدراسات الحديثة اوضحت أن نحو 47% من الأطفال الذين يعيشون في غياب الأب يُعانون من الفقر، فالأم وحدها لا تستطيع كفالة أطفالها، وذلك لأن أغلب أصحاب العمل يُفضلون الرجال على النساء، خاصة إن كانت المرأة متزوجة أو لديها أطفال، بالتالي يصعب عليها إيجاد مهنة مناسبة بدخل كافي يضمن لها ولأطفالها حياة كريمة.
وجود الأب يُحفز الأبناء على الاجتهاد في الدراسة
في عام 2001 تم إجراء بحث يهدف لدراسة تأثير الأب على العملية التعليمية لأبنائه، فوجد أن فرص حصول الطلاب على علامة امتياز في أغلب المواد ترتفع بنسبة 43% في وجود الأب، خاصة إن كان يهتم بالعملية التعليمية وحاصل على شهادة جامعية أو شهادات أعلى.
بينما وُجد أن غياب الأب يزيد من فرص الرسوب أكثر من مرة إضافة لانخفاض المعدلات الدراسية بصورة ملحوظة، خاصة بين الذكور، لأن لا يميلون للقراءة والتعلم بطبيعتهم.
غياب الأب يزيد فرص ارتكاب جرائم مختلفة!
حسب نفس الدراسة السابقة وُجد أن نسبة كبيرة من الأطفال الذين ينشئون في غياب الأب تزيد لديهم الميول العدوانية، ويكون سلوكهم غير سوي في مرحلة المراهقة، فيميلون لتناول المخدرات والكحوليات وارتكاب الجرائم باختلاف أنواعها، سواء التعدي على الغير بالضرب أو سرقة الأموال أو الانضمام للعصابات وتجار المخدرات وغيرها، بالتالي ينتهي بهم الأمر في السجن في أحسن الأحوال!
يصبح لديهم ميول جنسية غير سوية!
في دراسة أخرى وجد الباحثون أن تأثير الأب في تقويم السلوك الجنسي لدى الأبناء يُعادل ضعف تأثير الأم بمفردها، بالتالي غيابه يؤدي لظهور ميول جنسية غير سوية، سواء بالتورط في علاقات كاملة خلال فترة المراهقة، أو ظهور شذوذ جنسي قد لا يُمكن السيطرة عليه لاحقاً.
معدل الإصابة بالسمنة يرتفع في غياب الأب!
غياب الأب يرفع معدل الإصابة بالسمنة بصورة ملحوظة بين الأبناء، وما يترتب عليها من مشاكل صحية ونفسية قد تشوه شخصية وحياة الطفل للأبد، قد يرجع ذلك لغياب شعور الأمان بالمنزل حتى مع وجود الأم، بالتالي يلجأ الأطفال للتعويض عن ذلك بتناول كميات كبيرة من الطعام وخاصة السكريات، ما يؤدي لإصابة بالسمنة المفرطة.
لكن هذا لا يعني أو وجود الأب كافي كي يُصبح أطفاله أصحاء، لابد أن يكون مثال يُحتذى به لأبنائه ويُشجعهم على ممارسة الرياضة وتناول طعام صحي، فلو كان الأب يُعاني من السمنة بسبب قلة الحركة والنشاط أغلب الظن سينشأ أطفاله متبعين نفس سلوكه ونمط حياته.
وجود الأب يُساعد في تهذيب الأبناء!
الرجال بشكل عام لا يميلون لاستخدام عواطفهم خاصة عند التعامل مع أبنائهم، ما يجعلهم أكثر قوة وحزم وقدرة على تهذيب سلوكياتهم، وتقويم أي خطأ يصدر عنهم، على عكس الأم بمفردها، بمعنى آخر وجود الأبوين يضمن توازن صحي وسليم بين استخدام العاطفة وتوفير الحنان والرعاية من قبل الأم، وبين الحزم والتقويم المطلوب من قبل الأب، بالتالي ينشأ الأبناء أسوياء ويتمتعون بحياة طبيعية.
مهاراتهم اللغوية تُصبح أفضل
الاعتقاد الشائع لدى الغالبية العظمى من الناس هو أن تأثير الأم على المهارات اللغوية للأطفال يكون أكثر وأعمق من الأب، لكن مؤخراً ظهرت دراسة تُثبت عكس هذه الحقيقة تماماً، وقد أرجع الباحثون سبب ذلك إلى عدم تواجد الأب بصفة مستمر مع أبنائه، بالتالي أي كلمة يستخدمها تكون غير مألوفة لديهم وتسترعي انتباههم بشكل أكبر، على عكس ما يحدث مع الأم، فالطفل يعتاد لغة وصوت والدته بالتالي لا ينجذب لكلماتها بصورة كافية بعد فترة.
وجود الأب يُنمي حس المغامرة والإقدام في أبنائه
غريزة الأمومة تدفع الأم لرعاية وحماية أبنائها من أي خطر حتى لو لم يُمثل تهديد حقيقي، بالتالي تمنعهم دون أن تقصد من خوض أي مغامرة أو الاعتماد على أنفسهم في أغلب الأحيان، على عكس الأب الذي يُشجع أبنائه دائماً ويُنمي روح المبادرة والإقدام لديهم، ما يجعل شخصيتهم قوية بما يكفي لمواجهة مصاعب الحياة في المستقبل.